من فعلت الأسباب وتوجهت إلى ربها التواب فقد فعلت الصواب وخرجت من اللوم والعتاب وما عليها إلا أن ترضى بما يقدره مسبب الأسباب، فإن ترك الأسباب جنون والتعويل على الأسباب خدش في التوحيد وعمل لا يقبل ولا يكون.
ومرحبًا بك في موقعك ونسأل الله أن يحقق لك أمنيتك وأن يلهمك رشدك وأن يعيذك من شر الشيطان ونفسك.
ولا يخفى على أمثالك أن التوتر والاضطراب لا يقدم ولا يؤخر، وقد يوصل صاحبه إلى الاعتراض على القضاء والقدر، والله سبحانه يبتلي عباده بالخير وبالشر، فمن رضي بعد ذلك فله الرضا وأمر الله نافذ، ومن سخط فعليه السخط وأمر الله نافذ، والكون ملك لله ولن يحدث فيه إلا ما أراده.
وأرجو أن تعلمي أن والديك ليس لهم ذنب ومن الظلم لهم القسوة معهم وهم بلا شك يحبون لك الخير ويسعدهم أن تكوني سعيدة.
ورحم الله سلف الأمة الذين يسألون الله فإن أعطاهم شكروه وإن لم يعطهم كانوا بالمنع راضين يرجع أحدهم بالملامة على نفسه فيقول مثلك لا يجاب أو لعل المصلحة في أن لا أجاب، ثم يجتهدون بعد ذلك في التوبة والاستغفار والأذكار والصلاة والسلام على رسولنا المختار فيتفضل عليهم الكريم الغفار، وهم في كل الأحوال يرون سعادتهم في مواقع الأقدار.
وأرجو أن تعلمي أن المسلمة إذا شعرت بالضيق عليها أن تشتغل بالذكر والتلاوة والصلاة، قال تعالى: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون} فما هو العلاج؟ {فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}، فتعوذي بالله من الشيطان واعلمي أن همه أن يحزن أهل الإيمان، ولكنه لا يستطيع إلا إذا قدر مالك الأكوان، وإذا داهمك الغضب فعليك بالوصفة النبوية وهي: السكون والتعوذ بالله من الشيطان، وذكر الرحمن، وهجران المكان، وتغيير الهيئة، وذلك بأن يجلس الواقف ويتكئ الجالس، فإن كان الغضب شديدًا فعليك بالوضوء ثم الصلاة.
ونسأل الله أن يذهب عنك الضيق والتوتر والسوء.
وبالله التوفيق. |