الجواب
أختنا في الله حفظك الله وزادك تعلّقاً بكتابه جل وعلا وحرصاً على طاعة زوجك..
كم يثلج الصدر رؤية أخوات مؤمنات يتلهّفن على حفظ كتاب الله جل وعلا ليكُنَّ من أهل الله وخاصّته، أسأل الله جل وعلا أن يجعله حجة لكِ، وأن يرزقك تطبيق أحكامه والاهتداء بشرعه، والثبات على ذلك حتى تلقيه بإذنه تعالى..
أخيتي.. ليس لزوجكِ الحق في منعكِ من الخروج لطلب العلم الشرعي وحفظ القرآن الكريم وقد قال عليه الصلاة السلام في الحديث الصحيح: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" والمسجد في عهد الحبيب صلى الله عليه وسلم كان المكان الذي تجتمع فيه المؤمنات ليتفقّهن في الدين، ويستمعن إلى الدروس، ويتعرّفن على الصحبة الصالحة.. أما في يومنا هذا فقد تعدّدت السبل لذلك، وأصبحت دور الإقراء من ضمن مجموعة الأماكن التي تتعلم فيها المرأة دينها، وأحكام التجويد، وتحفظ القرآن الكريم فيه كالمسجد يومها، وعليه فالحديث يشمله والله تعالى أعلم..
وقد ذكرتِ أنك قمتِ بتأمين الرعاية البديلة لأولادك، وأن فترة غيابك عن البيت لن تكون طويلة، والفترة الزمنيّة المتبقّية من الدورة قليلة، وهذا من شأنه أن يخفِّف من حدّة رفض الزوج الذي تقولين إنك أجبرتيه على الموافقة، فاعلمي أخيتي أنّه لا يوجد إجبار، وبرأيي أن زوجك لو كان متحجراً ولا يريد هذا الأمر لما اقتنع ولن يُجبَر على ذلك، ولكان أصرّ على رفضه ومنعك تماماً من الخروج إلى الدار..
القوامة بيد الرجل أخيتي، وهو ربّان هذه الأسرة، ولكن عليه أن يستخدم هذه القوامة فيما يرضي الله جل وعلا دون إجحاف وقسوة.. ومنعك من الدورة إن لم يستند إلا على هواه ومزاجه فهذا غير مقبول، بل عليه أن يدعمك ويدفعك إلى الاستزادة من طلب العلم، بل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ الدعوة.. ولو أصرّ على منعك لكان لزاماً عليكِ البقاء في البيت وطاعته، فتكسبين أجرك من الله تعالى وإن كان ظالماً لكِ فيبوء بإثمه..
والآن وقد خرجتِ للدورةاأخيتي فعليكِ أن تتأكّدي من التزامك بكامل متطلّبات البيت، وعدم التقصير أبداً في مسؤولياتك العائلية..
تقولين أخيّة إنه وافق على مضض، فبإمكانك تغيير هذا الشعور عنده بمعاملته أفضل من ذي قبل، وبتوفير كل ما يسعده، وهذه أخلاق أهل القرآن، وحين يرى منكِ كل جميل فسيرضى في قرارة نفسه، وهو كما تقولين فيه من الصلاح والالتزام الكثير وهذه نقطة لصالحك وتُحسَب له؛ فهو يدرِك أن طلبكِ هذا خير لك ولعائلته ولكنه يخشى على العائلة والأطفال وهذا من حقه، فأنتِ إن أقنعتِه بتصرفاتك أن كل شيء أفضل من ذي قبل حتى نفسيتك ورعايتك لأسرتك فلا أظنه سيبقى معارِضاً ومتضايقاً..
وأريد أن ألفتك إلى أمر مهم –أخية- وهو إن كان خروجك من شأنه أن يؤذي الأطفال فأرى أن تبقي في البيت وتحتسبي هذا عند الله جل وعلا، ويمكنك حينها أن تكملي حفظ القرآن في بيتك وسيفتح عليك ربي بفضله وكرمه..
بقيت نقطتان أود الإشارة إليهما أختي.. هل كان بالإمكان أن تتتعهّدي حفظ القرآن مع زوجك في البيت دون الاضطرار إلى الخروج، وبهذا تقربان من بعضكما البعض أكثر حين تقومان بتدارسه، وبطاعة الله تعالى مجتمعين؟
وهل تشعرين أن المودة بينك وبينه قد قلّت بسبب خروجك من دون رضاه الكامل؟ أخشى أن يشعر أنكِ غير آبهة به وبمشاعره وبقراراته فيخفف هذا من رصيد العاطفة تجاهك في قلبه! فتخسرين من حيث لا تشعرين، ويسبب هذا الأمر بُعداً عن زوجك وضيقاً في بيتك في الوقت الذي تبتغين طاعة تقرّبك من ربك جل وعلا..
ألحّي على الله تعالى بالدعاء أخيّة أن يُرضي زوجك فهو الأكرم والقلوب بين إصبعين من أصابعه يقلّبها كيف يشاء، وحاولي بأقصى ما تملكين من أنوثة ومهارة أن تحرصي على إسعاد زوجك وطاعته، فهو جنّتك وسعادتك!
وأرى أن تجلسي جلسة مصارحة بينكِ وبينه تُعيدين فيها طرح موضوع دوامك في الدورة لترتاحي نفسياً ويرتاح هو.. أخبريه أنك مستعدة لترك الدورة إكراماً له ولمشاعره بالرغم من رغبتك الحثيثة في إكمال حفظ القرآن الكريم.. وأنا متأكدة أنه حين يراك مهتمة بمشاعره، وأنكِ أعدت إسناد الأمر إليه ليقرره، وأنّك متمسّكة برضاه فسيرضى ويقبل بخروجك، وسيورِثه ذلك راحة ولذة وقرباً منك ومودة..
طمئنينا عنك أخية.. ومبارك حفظك لكتاب الله تعالى مقدّماً.. ثبتك الله عليه، وجمع بينك وبين زوجك دائماً على الخير والطاعة..
|